لقد بات التحكيم كوسيلة لفض المنازعات ضرورة
شبه حتمية في عقود التجارة بصفة عامة وعقود التجارة الدولية بصفة خاصة حيث يعتبر
التحكيم نظاما هاما لحسم المنازعات وقد زادت أهميته في العصر الحديث على الصعيدين
الدولي والوطني ولا نبالغ إذا قلنا أنه لا يكاد يخلو عقد من عقود التجارة الدولية
من شرط يلزم فيه المتعاقدين على اتخاذ سلوك التحكيم لحسم المنازعات التي قد تثور
بشأن تفسير هذا العقد أو تنفيذه.
ولعل أهم ما يميز التحكيم التجاري عن القضاء
العام هو الخروج من ولاية القضاء الأصل في حل النزاعات والخضوع لولاية الحكم أو
المحكمين.
لذلك يجد الأفراد في التحكيم غايتهم المنشودة
في تحقيق عدالة سريعة. وعلى الرغم من أهمية التحكيم وما يحققه من مزايا إلا أنه من
الملاحظ أن التشريعات المختلفة في أغلب الدول تعتمد على قضاء الدولة (الأصل) ويكون
التحكيم استثناء عن هذا الأصل باعتبار أن القضاء جزء من سيادة الدولة ومظهر من
مظاهر سلطانها.
بل إن الدولة تخضع أعمال المحكمين لرقابة
محاكمها وتتجلى هذه الرقابة عن تنفيذ حكم المحكمين فهو لا ينفذ إلا بصدور امر من
قضاء الدولة بتنفيذه.
لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي
(الأونسيترال):
مع اتساع رقعة التجارة الدولية ودورها في نمو
وازدهار الاقتصاد بين الدول انبثقت لدى الأمم المتحدة فكرة تشكيل هيئة دولية من
شأنها تحسين الإطار القانوني للتجارة الدولية لذلك أقرت الجمعية العامة للأمم
المتحدة إنشاء هذه اللجنة (الأونسيترال) بموجب قرار الجمعية العامة رقم 2205
(د/21) المؤرخ في 17 كانون الأول / ديسمبر لعام 1966.
تعريفها:
هي هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة للأمم
المتحدة تؤدي دورا هاماً لتحسين الإطار القانوني للتجارة الدولية من خلال اعداد
نصوص تشريعية دولية لكي تستخدمها الدول في تحديث قانون التجارة الدولية ونصوص غير
تشريعية لكي يستخدمها الأطراف التجارية في التفاوض على المعاملات.
أما النصوص التشريعية فتتناول البيع الدولي
للبضائع وتسوية النزاعات التجارية الدولية بما في ذلك كل من التحكيم والتوفيق
والتجارة الالكترونية والاعسار متضمناً الاعسار عبر الحدود والنقل الدولي للبضائع
والمدفوعات الدولية والاشتراء وتطوير مشاريع البنية التحتية والمصالح الضمانية.
أما النصوص غير التشريعية فتشمل قواعد تتعلق
بالاطلاع بإجراءات التحكيم والتوفيق ومذكرات بشأن تنظيم الإجراءات التحكيمية
والاطلاع بها ودليلين قانونيين بشأن عقود المنشآت الصناعية والتجارة المكافئة.
- قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم
الدولي:
حيث أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تسلم
بقيمة التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات الناجمة عن العلاقات التجارية الدولية لذلك
واقتناعاً منها بأن وضع قانون نموذجي للتحكيم يكون مقبولا للدول ذات النظم
القانونية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة يسهم في تنمية علاقات اقتصادية دولية
متناسقة.
- واقتناعا منها بأن القانون النموذجي وكذلك
اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها وقواعد التحكيم للجنة الأمم
المتحدة للقانون التجاري الدولي التي أوصت بها في الجمعية العامة في قرارها 31/98
المؤرخ في 15 كانون الأول/ ديسمبر1976 تسهم إسهاما كبيرا في وضع إطار قانوني موحد
لتسوية النزاعات الناجمة عن العلاقات التجارية الدولية بصورة منصفة وفعالة.
- لكل ذلك أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة
بجلستها العامة رقم 112 الجارية في 11 كانون الأول / ديسمبر 1985 الصيغة التي
اعتمدتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسيترال) في 21 حزيران /
يونيو 1985 للقانون النموذجي الموحد للتحكيم التجاري الدولي بموجب القرار رقم
40/72. داعية الدول الأعضاء في الجمعية العامة إلى وضع هذا القانون النموذجي داعية
الدول الأعضاء في الجمعية العامة إلى وضع هذا القانون النموذجي في الاعتبار عندما
تقوم هذه الدول بإصدار تشريعاتها الوطنية.