AR

أسناد المجاملة وأثرها على الائتمان والتداول التجاري

أسناد المجاملة وأثرها على الائتمان والتداول التجاري

- لقد أوردت القوانين في كثير من دول العالم، الأحكام الخاصة بالأسناد من دون أن تعمل على إيجاد تعريف محدد لها ، ويهدف المشرع من ذلك، إلى ترك مجال الاجتهاد واسعاً أمام الفقه والقضاء لاختيار التعريف الأكثر ملاءمة، مع إمكانية تطويره وفقاً لتطورات الأعراف التجارية وعاداتها ويمكن تعريف الأسناد ، من حيث وظيفتها، على أنها صك مكتوب يتضمن أمراً صادراً من الساحب إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين في تاريخ معين أو قابل للتعيين، لإذن شخص ثالث يسمى المستفيد، مع تدوين تاريخ السحب ، لذلك تستلزم الكمبيالة وجود ثلاثة أشخاص وهم:

1- الساحب: وهو الذي يحرر الصك ويوقع عليه ويضمنه أمراً صادراً إلى شخص آخر يكلفه فيه بالوفاء في تاريخ معين أو قابل للتعيين بمبلغ من النقود .

2- المسحوب عليه: وهو الذي يصدر إليه الأمر من الساحب بالوفاء بقيمة الكمبيالة، والغالب أن يكون مدينًا للساحب بمبلغ من النقود مستحق الوفاء في ميعاد الاستحقاق الثابت بالأسناد ، وهو ما يطلق عليه مقابل الوفاء .

3- المستفيد: وهو الشخص الذي يتلقى الوفاء من المسحوب عليه، إذ يكون المستفيد عادة دائناً للساحب ولذلك يسعى الأخير إلى انقضاء علاقة المديونية بينه وبين المستفيد عن طريق سحب الكمبيالة، وقد يكون المسحوب عليه ليس مديناً للمستفيد ولكنه قد يقوم بالوفاء تنفيذاً لأمر الساحب. ولذلك أجاز الفقهاء لحامل السند تقديمها قبل حلول ميعاد الاستحقاق للمسحوب عليه للقبول، فإذا وقع عليها بالقبول قامت القرينة على أن المسحوب عليه قد تلقى مقابل الوفاء من الساحب وأصبح بمثابة المدين الأصلي فيها، وإذا رفض قبولها ظل الساحب ملتزماً أمام المستفيد بالوفاء بقيمتها

-  وكقاعدة عامة، لا تكون الكمبيالة صالحة في انقضاء علاقة المديونية سواء بالنسبة للساحب والمسحوب عليه أو بالنسبة للساحب والمستفيد إلا إذا حصل الوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق.

كمبيالية المجاملة

- إن جميع الأنظمة والتشريعات والقوانين العربية لم تفرد أي نصوص لتنظيم ما يسمى بكمبيالات المجاملة ، ونتيجة للتطورات الاقتصادية ظهر هذا النوع من الكمبيالات التي تعتبر صورة من صور انعدام السبب في الورقة التجارية، ويقصد بها " أن يتفق شخصان على أن يسحب أحدهما كمبيالة على الآخر واجبة الدفع في تاريخ معين وعلى أن يقبل المسحوب عليه الكمبيالة عند تقديمها إليه دون أن يستند سحب هذه الكمبيالة إلى علاقة مديونية موجودة بالفعل أو متوقع وجودها في ميعاد الاستحقاق، ويكون معروفاً للطرفين أن المسحوب عليه لا يريد أن يتحمل الالتزام الوارد بالكمبيالة ولا ينوي الوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق، وأن سحب الكمبيالة كان على سبيل المجاملة للساحب بقصد خلق ائتمان وهمي له يتمكن بمقتضاه من الحصول على المال اللازم له عن طريق خصم الكمبيالة أو الوفاء بدين عليه عن طريق تظهيرها، وأن الساحب هو الذي سوف يدبر الوفاء بقيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق.

- وبناء عليه لا يكون هناك مقابل وفاء للكمبيالة ومع ذلك يقبلها المسحوب عليه دون أن يكون لديه هذا المقابل وقت إنشائها؛ لتمكين الساحب من تظهيرها للغير أو من خصمها لدى بنك على أمل أن مقابل الوفاء سيوجد في المستقبل وقبل ميعاد استحقاقها، ولا بد من الإشارة إلى أنه لا محل للمجاملة إلا في الأوراق التي تقوم بوظيفة الائتمان وهي الكمبيالة والسند لأمر أو للحامل - دون الشيك

-  فالغاية التي أنشئت من أجلها الأوراق التجارية المذكورة أعلاه وتحديداً الكمبيالة هي مبدأ الائتمان الذي تستند عليه هذه الأوراق لأنها تتضمن أجلاً للوفاء بقيمتها.

- وحيث أن الكمبيالة أداة من أدوات التعامل في البيئة التجارية، فإنها تنشأ عندما يقوم الساحب بتحريرها بقصد الحصول على ائتمان حقيقي، وبنية تحمل الالتزام بضمان الوفاء بقيمتها في ميعاد الاستحقاق.

- ولا بد من التنويه إلى أنه أحياناً قد يختل ائتمان التاجر ويتأزم وضعه المالي على نحو تتضاءل معه فرص إمكانية الوفاء بديونه لذلك قد يبحث عن وسيلة يحصل بها على "ائتمان وهمي" لتغطية عجزه المالي، وقد يهتدي إلى ما يسمى "بكمبيالة المجاملة" والتي تصدر عن ساحب غير مدين يقوم بقبولها والتوقيع عليها لصالح التاجر المأزوم "المستفيد" دون أن يكون لديه نية الوفاء بقيمتها عند حلول ميعاد الاستحقاق.